من الطرق السهلة التي يمكنك بها هندسة التأثير أن تستفيد من شخص مؤثر، وذلك بالالتصاق به والاستفادة من علمه وموقعه ومهاراته وحماسه والفنون التي يجيدها وكذلك من آرائه واقتراحاته، فالصاحب ساحب، "والمرء على دين خليله".
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة".
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقيل: "الناس: رجل، ونصف رجل، ولا شيء، فالرجل من له رأي صائب ويشاور، ونصف الرجل من له رأي صائب ولا يشاور أو يشاور ولا رأي له، ولا شيء هو من لا رأي له ولا يشاور".
ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثير من الأصحاب الذين تربطهم به علاقات قوية، ولكن نفراً منهم التصق به التصاقاً قوياً حتى كان بعضهم لا يفارقه إلا حين النوم، ولذا كانت أكثر الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم رواها هؤلاء الملتصقون به كأبي هريرة وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عمر وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! وتقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثله! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان إخواني من الأنصار يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرءاً مسكيناً من مساكين الصفة، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يوماً: "إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقوله"، فبسطت نمرة عليَّ، حتى إذا قضى مقالته، وجمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء".
وهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الذي كان من أكثر الصحابة التصاقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السابقين الأولين، ومن النجباء العالمين، شهد بدراً، وهاجر الهجرتين، ومناقبه غزيرة وروى علماً كثيراً. عن مسروق قال: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن نزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه.
وهناك كثير من العلماء من جمهور التابعين وتابعيهم كانوا أشد الناس حرصاً على الالتصاق بشيوخهم، ليأخذوا عنهم الحديث والفقه واللغة والأدب وغيرها من العلوم والفنون.
فقد وصل عدد شيوخ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الذين كتب عنهم (1080) شيخاً، منهم أحمد بن حنبل، ومحمد بن عيسى الطباع، وإسحاق بن منصور. وأما عن تلاميذه الذين التصقوا به فعلى رأسهم الإمام مسلم، والترمذي، وابن خزيمة، والبغوي والنسفي.
وكذا الإمام مسلم فقد وصل عدد شيوخه إلى أكثر من (220) شيخاً، منهم: الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى ابن معين، والدارمي، والبخاري، وابن حميد. وأما عن تلاميذه الذين لازموه وأخذوا عنه فهم كثير، منهم: الفراء، وأبوحاتم الرازي، وابن خزيمة، والترمذي.
ورغم أهمية الاتصال بهؤلاء المؤثرين والالتصاق بهم إلا أنه ينبغي لصانع التأثير ألا يذوب فيهم، وألا يفقد شخصيته عندهم، وألا يكون كالميت بين يدي المغسِّل، وألا ينسى هدفه الرئيس الذي من أجله التصق بهم، وإنما عليه أن يستثمر صلته بهم من أجل تفعيل مشروعه التأثيري النافع وتسريعه وإنجازه بيسر.
لما قدم السلطان عبدالعزيز مصر، وزار الجامع الأزهر، صحبه الخديوي إسماعيل فلحظ الخديوي على شيخ بالجامع كأنه غير مهتم، فهو مسند ظهره، ماد رجله، فأسرع بالسلطان عنه، ثم كلف أحد رجاله أن يذهب له بصرة، يريد أن يعرف حاله، فلما جاء الرسول ليعطيه قبض الشيخ عنه يده، وقال له: قل لمن أرسلك: إن من يمد رجله لا يمد يده.
ويقول روبرت غرين: ابق مترفعاً وسيأتي الناس إليك، إذ سيصبح كسب عواطفك نوعاً من التحدي لهم، وما دمت تقلّد الملكة العذراء وتذكي آمالهم فإنك ستظل مغناطيساً يجتذب الاهتمام والرغبة.
وعند حديثنا عن هذا النوع من الاستثمار فإننا لا نقصد به استغلال هؤلاء المؤثرين لمصالح شخصية محدودة وإنما استثمارهم لمصلحة الأمة، خاصة ونحن عندما نتكلم عن صناعة التأثير وهندسة الحياة فإننا نقصد به التأثير الإيجابي النافع لا التأثير السلبي الضار.
وهنا نقول: إذا أردت أن تكون خطيباً مؤثراً فالتصق بخطيب مؤثر واستفد من أسلوبه وأخلاقه وحماسه، ولكن لا تكن نسخة طبق الأصل منه، لأن الناس لا يحترمون التقليد وإنما يحترمون الأصل ويقدرونه، ولذا يحسن بك تجنب نواقص هذا الخطيب وأخذ أفضل ما عنده، ومن ثمَّ إضافة شيء من عندك لتتميز به عنه، فيكون لك طعمك الخاص ولونك الفاقع ورائحتك المميزة، وقس على ذلك بالنسبة للالتصاق بالأنواع الأخرى من المؤثرين.
منقول للأمانة.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة".
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقيل: "الناس: رجل، ونصف رجل، ولا شيء، فالرجل من له رأي صائب ويشاور، ونصف الرجل من له رأي صائب ولا يشاور أو يشاور ولا رأي له، ولا شيء هو من لا رأي له ولا يشاور".
ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثير من الأصحاب الذين تربطهم به علاقات قوية، ولكن نفراً منهم التصق به التصاقاً قوياً حتى كان بعضهم لا يفارقه إلا حين النوم، ولذا كانت أكثر الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم رواها هؤلاء الملتصقون به كأبي هريرة وعبدالله بن مسعود وعبدالله بن عمر وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! وتقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثله! وإن إخواني المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان إخواني من الأنصار يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرءاً مسكيناً من مساكين الصفة، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث يحدثه يوماً: "إنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضي جميع مقالتي ثم يجمع إليه ثوبه، إلا وعى ما أقوله"، فبسطت نمرة عليَّ، حتى إذا قضى مقالته، وجمعتها إلى صدري، فما نسيت من مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك من شيء".
وهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الذي كان من أكثر الصحابة التصاقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السابقين الأولين، ومن النجباء العالمين، شهد بدراً، وهاجر الهجرتين، ومناقبه غزيرة وروى علماً كثيراً. عن مسروق قال: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمن نزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه.
وهناك كثير من العلماء من جمهور التابعين وتابعيهم كانوا أشد الناس حرصاً على الالتصاق بشيوخهم، ليأخذوا عنهم الحديث والفقه واللغة والأدب وغيرها من العلوم والفنون.
فقد وصل عدد شيوخ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الذين كتب عنهم (1080) شيخاً، منهم أحمد بن حنبل، ومحمد بن عيسى الطباع، وإسحاق بن منصور. وأما عن تلاميذه الذين التصقوا به فعلى رأسهم الإمام مسلم، والترمذي، وابن خزيمة، والبغوي والنسفي.
وكذا الإمام مسلم فقد وصل عدد شيوخه إلى أكثر من (220) شيخاً، منهم: الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى ابن معين، والدارمي، والبخاري، وابن حميد. وأما عن تلاميذه الذين لازموه وأخذوا عنه فهم كثير، منهم: الفراء، وأبوحاتم الرازي، وابن خزيمة، والترمذي.
ورغم أهمية الاتصال بهؤلاء المؤثرين والالتصاق بهم إلا أنه ينبغي لصانع التأثير ألا يذوب فيهم، وألا يفقد شخصيته عندهم، وألا يكون كالميت بين يدي المغسِّل، وألا ينسى هدفه الرئيس الذي من أجله التصق بهم، وإنما عليه أن يستثمر صلته بهم من أجل تفعيل مشروعه التأثيري النافع وتسريعه وإنجازه بيسر.
لما قدم السلطان عبدالعزيز مصر، وزار الجامع الأزهر، صحبه الخديوي إسماعيل فلحظ الخديوي على شيخ بالجامع كأنه غير مهتم، فهو مسند ظهره، ماد رجله، فأسرع بالسلطان عنه، ثم كلف أحد رجاله أن يذهب له بصرة، يريد أن يعرف حاله، فلما جاء الرسول ليعطيه قبض الشيخ عنه يده، وقال له: قل لمن أرسلك: إن من يمد رجله لا يمد يده.
ويقول روبرت غرين: ابق مترفعاً وسيأتي الناس إليك، إذ سيصبح كسب عواطفك نوعاً من التحدي لهم، وما دمت تقلّد الملكة العذراء وتذكي آمالهم فإنك ستظل مغناطيساً يجتذب الاهتمام والرغبة.
وعند حديثنا عن هذا النوع من الاستثمار فإننا لا نقصد به استغلال هؤلاء المؤثرين لمصالح شخصية محدودة وإنما استثمارهم لمصلحة الأمة، خاصة ونحن عندما نتكلم عن صناعة التأثير وهندسة الحياة فإننا نقصد به التأثير الإيجابي النافع لا التأثير السلبي الضار.
وهنا نقول: إذا أردت أن تكون خطيباً مؤثراً فالتصق بخطيب مؤثر واستفد من أسلوبه وأخلاقه وحماسه، ولكن لا تكن نسخة طبق الأصل منه، لأن الناس لا يحترمون التقليد وإنما يحترمون الأصل ويقدرونه، ولذا يحسن بك تجنب نواقص هذا الخطيب وأخذ أفضل ما عنده، ومن ثمَّ إضافة شيء من عندك لتتميز به عنه، فيكون لك طعمك الخاص ولونك الفاقع ورائحتك المميزة، وقس على ذلك بالنسبة للالتصاق بالأنواع الأخرى من المؤثرين.
منقول للأمانة.